حكايتي مع النزوح ولصوص الاغاثة (1)
يمنات
أنس القباطي
حكايتي مع النزوح تلخص واقع الفساد الذي حول الاغاثة المخصصة للمتضررين من الحرب إلى وسيلة للاثراء على حساب المستحقين الحقيقيين.
خلال نزوحي الذي بدأ في العام 2015 من تعز إلى القرية ثم إلى صنعاء، وجدت نفسي بلا هوية، فسلطات الحرب في صنعاء وعدن ترفض الاعتراف بأني نازح، او حتى متضرر من الحرب من ادنى درجة.
اسمي لم تعرفه كشوفات النزوح او حتى الاغاثة التي اصبحت مغتالة من قبل سلطات الحرب التي جيرت العمل الانساني للمواليين والمريدين، حتى ان القائمين على الاغاثة من السلطتين صاروا من الثراء تجار جملة ومقاولي انشاءات.
ثمان مرات طلب مني وثائق اثبات الهوية لتقييد اسمي في سجلات النازحين من قبل القائمين على النزوح والاغاثة التابعين لسلطتي الحرب في صنعاء وعدن، كان أخرها قبل شهرين بالوفاء والتمام.
رغم يأسي من انني صرت في نظر سلطتي الحرب بلا هوية، الا أني منحت المتصل بي قبل شهرين كل ما يريد من وثائق، مع يقيني بأنه لن يتم شيئا مما وعد، لكني وعدته بأن اضيفه الى قائمة الكذابين وناهبي الاغاثة.
لا أعلم لماذا تؤخذ وثائق اثبات الهوية من كثير من الناس ولا يجدوا اسماؤهم في سجلات النزوح او الاغاثة، ربما نستخدم تلك الوثائق في نهب مخصصات النزوح والاغاثة، وربما لأهداف اخرى لا أعرف طبيعتها.
ما أثار غرابتي طلب وثائقي قبل شهرين وتأكيد المتصل – الذي استره لوجه الله – بأنه قيد اسمي في سجلات النازحين، رغم ان عمليات الاغاثة قد خفضت الى مستويات دنيا.
حالتي هي واحدة من الاف الحالات وربما عشرات الآلاف من الحالات التي تكشف حجم الفساد المهول في العمل الانساني في هذا البلد الذي مزقت ارضه الحرب وافقرت انسانه سلطات الجباية. فساد العمل الانساني في اليمن هو نتاج لعملية تواطؤ بين المنظمات الدولية المعنية بالاغاثة وسلطات الحرب في الداخل، على حساب الشعب اليمني الذي بات مستحقا الإغاثة باستثناء هوامير الفساد وتجار الحرب.
ذات مساء في العام 2021 اتصل بي رقم اردني ابلغتني المتصلة انها من برنامج الأغذية العالمي، سألتني عن مكونات السلة الغذائية التي اتسلمها، ابديت استغرابي من السؤال ورديت عليها بعدم تسلمي اي شيء، وعدتني بأنها ستحقق في الأمر، وستعود للاتصال بي، مرت ثلاث سنوات وأنا لا زلت منتظر الاتصال، كما اني لا زلت منتظر اتصال أخر الكذابين، لعله يتصل ليس ليبلغني بأني حصلت على هوية نازح، وانما ليعتذر عن عدم اضافتي الى كشوفات النازحين، حتى اتجنب الكتابة عنه لاحقا كواحد من لصوص الاغاثة او من يستخدمهم لصوص الاغاثة لنهب الطعام من افواه الجياع.
والحقيقة اني ما زلت حائرا حول الهدف من طلب وثائق هوياتنا، ثم لا نجد اسمائنا في كشوفات النزوح او الاغاثة، وكيف عرف برنامج الأغذية رقم هاتفي رغم اني لم ادرج في كشوفات الاغاثة..؟!
وللحديث بقية تحمل تفاصيل دقيقة.